اتبع CAP على وسائل التواصل الاجتماعي

استمع إلى البودكاست الخاص بـ CAP

لقاء مع سفير الاتحاد الأفريقي في الصين حول نتائج منتدى التعاون الصيني الأفريقي ومستقبل العلاقات الأفريقية الصينية

سفير الاتحاد الأفريقي للصين رحمة الله محمد عثمان. الصورة عبر جلوبال تايمز

انعقد المنتدى الثامن للتعاون الصيني الأفريقي المعروف بقمة الفوكاك في السنغال في الفترة من 29 إلى 30 نوفمبر 2021. ومن خلال التغطية الإعلامية التي صاحبت المنتدى، ذكر العديد من المحللين أن التمويل الصيني قد سجل انخفاضًا بنسبة 33٪ مستدلين بذلك على تدهور العلاقة بين الصين والدول الأفريقية

في الوقت نفسه، أكدنا نحن بأنه قد تم عقد المؤتمر بقيادة أفريقية وأنه قد اعتمد أكبر عدد من الوثائق الختامية (وأطولها) في جلسة واحدة، بينما عادًة ما يتم اعتماد اثنتين فقط. واعتمد المنتدى العديد من الاتزامات الجديدة والمهمة مثل التصنيع المحلى للقاحات وهو أحدى الأولويات الأفريقية.

لاختبار هذه الروايات الصحفية وإلقاء نظرة على رؤية القادة الأفارقة لنتائج المنتدى، قامت ليا لينش، نائبة المدير بمؤسسة ديفيلوبمنت ريأيماجن بزيارة للسفير رحمة الله عثمان الممثل الدائم للاتحاد الأفريقي لدى الصين، في مكتبه في بكين. ودار الحوار التالي بين لينش وعثمان:

ليا لينش: شكرًا جزيلاً لسيادتكم على التحدث إلينا. هل يمكن لحضرتكم إبداء الرأي في نتائج منتدى فوكاك الأخير؟

سيادة السفير: أولاً، كما تعلمين، لقد توليت منصبي هنا في بكين منذ نوفمبر 2018 بعد بضعة أشهر من انعقاد النسخة السابعة من المنتدى في حضور 51 قائدًا أفريقيًا.

كان ذلك قبل تفشي فيروس كورونا. وبناءً عليه، أتيت إلى بكين وأنا أتوقع أن تكون الصين شريكًا رئيسيًا لأفريقيا في مجال التنمية، وبالتأكيد تحققت توقعاتي خلال هذه السنوات الثلاث أو أكثر. لقد تابعنا جهود الصين لدعم القارة في تنفيذ أجندة عام 2063 للاتحاد الأفريقي والتي تهدف إلى تحقيق تنمية شاملة ومستدامة.

ولا أرى أي تغيير في تلك الجهود حتى الآن. وبالرغم من الصعوبات التي تسبب بها فيروس كوفيد-19 للصين وأفريقيا خاصة فيما يتعلق بتنقل الأشخاص بينهما، فقد تم بذل العديد من الجهود من جميع الأطراف للحفاظ على الزخم، بل وزيادته.

ليا لينش: بشكل عام ، ما هي أكبر استفادة تم تحقيقها من منتدى فوكاك 2021؟

سيادة السفير: بشكل عام، كان من دواعي سروري أن أرى الآراء الأفريقية الجماعية التي تم التعبير عنها من خلال الوثائق الرئيسية الأربع التي اتفقنا عليها والتي أصبحت أكثر وضوحًا من أي وقت مضى. وتمت مناقشة ستة من أصل عشرة بنود ضمن أجندة الاتحاد الأفريقي لعام 2063. في حين أنه تم مناقشة بندين فقط عام 2018.

كما تمت مناقشة العديد من الخمسة عشر مشروعًا الرئيسيين في أفريقيا مثل مشروع انتقال الطاقة ومشاريع تطوير البنية التحتية، فضلا عن استراتيجية الاتحادات الأفريقية للمساواة بين الجنسين وتمكين المرأة.

وقد تم ذكر كلًا من بنك التنمية الأفريقي والمركز الأفريقي لمكافحة الأمراض عدة مرات بالإضافة الى بعض المؤسسات الحديثة التي تقودها إفريقيا مثل فريق عمل الحصول على اللقاحات في إفريقيا، ووكالة الأدوية الأفريقية، وبرنامج تنظيم وتنسيق الأدوية الأفريقي

ويحمل ذلك أهمية كبيرة لأنه يوضح التزام الصين بالدعم المباشر لخطط التنمية الحالية لأفريقيا على المستويين القاري والإقليمي.

ليا لينش: هل شعرت بخيبة أمل بسبب تخصيص الصين لميزانية دعم قدرها 40 مليار دولار في عام 2021، مقارنةً بـ 60 مليار دولار في عام 2018؟

سيادة السفير: أولاً ، أعتقد أننا بحاجة إلى رؤية الصورة الكاملة ومراعاة جميع الالتزامات المعلنة في داكار وهي لا تتضمن الالتزامات المالية فقط بل أيضًا التبرع بمليار جرعة من اللقاح بالإضافة إلى تصنيع 400 مليون جرعة من خلال خطط الإنتاج المشترك. كما تتضمن خطط الدعم الالتزامات بمشاريع الزراعة والحد من الفقر وتطوير البنية التحتية الإقليمية. وقد واقفت الصين على إنشاء 10 مشاريع لتوفير خدمات الاتصالات عبر القارة، وذلك إلى جانب إدراج تعزيز التعاون الصيني الأفريقي ضمن برنامج تطوير البنية التحتية لأفريقيا التابع للاتحاد الأفريقي.

عندما نضع الصورة الكاملة في الاعتبار، ، يمكننا أن نرى أن حجم الاتزامات الصينية نحو أفريقيا يفوق الاتفاقات المعلنة في عام 2018.
وعندما نتحدث عن التمويل – وخاصة التمويل الميسر – وهو أمر بالغ الأهمية لأفريقيا، يمكننا القول بأن الشركاء الصينيون قد ابدوا الكثير من الدعم لطموحاتنا في تطوير البنية التحتية في إفريقيا.

وبالطبع يمكننا تفهم الخوف المباشر من توقف الصين عن إقراض الدول الأفريقية عندما أعلنت تخفيض عدد القروض المسيرة ولكن دعيني أخبرك أنه من خلال مناقشاتي مع المسؤولين الحكوميين هنا في بكين ، تم التأكيد على أن الصين لن تتوقف عن إقراض أفريقيا لتنفيذ عدة مشاريع بما فيها تطوير البنية التحتية.

بل أنها على استعداد لتقديم تمويلًا أكثر مرونة وابتكارًا، مثل الشراكة بين القطاعين العام والخاص، خاصةً إذا طلبت حكوماتنا ذلك. ومازالت الصين توافق على تمويل مشاريع البنية التحتية بشكل مباشر ولا أتوقع أن تتوقف عن تنفيذ هذه الخطوة.

ليا لينش: هل يمكنك شرح ذلك بمزيد من التفصيل؟ لماذا قد يقترح ربط البنية التحتية الإقليمية و تمويلًا بشروط ميسرة من الصين؟

سيادة السفير: تم إطلاق برنامج تطوير البنية التحتية في أفريقيا كمبادرة من الاتحاد الأفريقي ووكالة النيباد التابعة للاتحاد الأفريقي وبنك التنمية الأفريقي في عام 2010. ويهدف البرنامج إلى المساعدة في تحديد أولويات شبكات وخدمات البنية التحتية الإقليمية والقارية وإعدادها ومراقبتها في عدد من القطاعات مثل الطاقة والنقل وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، بالإضافة إلى موارد المياه العابرة للحدود.

وتشمل النتائج المتوقعة من برنامج تنمية القدرات الخاصة؛ خفض تكاليف الطاقة وتسهيل الوصول إليها، وخفض تكاليف النقل وتعزيز التجارة بين البلدان الأفريقية، وتوفير المياه والأمن الغذائي، وزيادة الاتصال العالمي.

وتملك المبادرة 409 مشروعًا مثيرًا للإعجاب في جميع أنحاء القارة – منها 54 مشروعًا في قطاع الطاقة (بنسبة 13% من إجمالي المشروعات) و 114 مشروعًا في قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات (بنسبة 28٪) ، و 232 مشروعًا في قطاع النقل (بنسبة 57% من الإجمالي) و 9 مشاريع مائية (بنسبة 2%) ، وحاليًا ما تخضع جميع المشروعات لمراحل مختلفة من التنفيذ ، بينما تتطلب معظمها تمويلاً ميسراً. وقد تم حتى الآن الانتهاء من 76 مشروعًا (بنسبة 19% من الإجمالي) وهي حاليًا قيد التشغيل ، بينما يتبقى 78 مشروعًا قيد الإنشاء.


وفي ظل هذه الفجوة الكبيرة، يأتي دور الشركاء الصينيين لتسريع تنفيذ هذه المشاريع. ومازال الطريق طويلًا لأن المشاريع التي تقوم المبادرة على تنفيذها حتى عام 2040 تتكلف أكثر من 360 مليار دولار.

و هناك أدلة على أنه من خلال مواءمة مشاريع النقل مع مبادرة برنامج تنمية القدرات الخاصة، يمكن أن تزيد مكاسب قطاع النقل إلى 172 مليار دولار على الأقل من خلال شبكة تكامل النقل الإقليمي الأفريقي
.
وستكون الدول المشاركة ملزمة للتفاوض فيما يخص هذه المشروعات، وستضل تحصل على الفوائد، ولكنها ستكون أيضًا قادرة على تقليل المخاطر من خلال الجمع بين أصولها.

ليا لينش: أعتقد أن هذا التحول إلى المشاريع الإقليمية مثير بالنسبة للاتحاد الأفريقي ، لكن ألن يزعج ذلك البلدان الغير قادرة على الاتفاق على مشاريع ثنائية؟

سيادة السفير: لا أعتقد أن هذه نهاية المشاريع الثنائية مع الصين. لكنني أعتقد أنها فرصة للمزيد خاصة عندما يتعلق الأمر بالتمويل بشروط ميسرة. فيمكن للبرامج الإقليمية تحويل حياة المواطنين للأفضل كما أنها أكثر استدامة وتوفر القيمة مقابل المال بالمقارنة بالمشاريع التي يتم التفاوض عليها بشكل منفصل. ويرجع ذلك إلى أن معظم البلدان الأفريقية تواجه تحديات مماثلة في البنية التحتية وبالتالي تسعى للحصول على تمويل لمشاريع متشابهة.

كما أن تمويل المشاريع من خلال برنامج تنمية القدرات الخاصة يضمن توافق المشاريع مع أجندة عام 2063 ، التي وافقت عليها الدول الأعضاء ، كما أنها تملك بالفعل منظومةً قويةً لرصد وتقييم المشروعات المنفذة كجزء منها.

ليا لينش: مع التركيز على المشاريع الإقليمية،هل يمكن أن تخبرنا كيف سيصيغ الاتحاد الأفريقي تقديم هذه المشاريع للصين؟

سيادة السفير: كما قلت، ستظل الدول الأفريقية في حاجة للنقاش لتحديد أولوياتها ولهيكلة المشاريع الإقليمية. وأشعر أنه من أجل دفع خطط منتدى التعاون الصيني الأفريقي إلى الأمام ومعالجة التحديات والمخاوف الحالية، يجب أن نطرح أفكارنا وأولوياتنا على شركاءنا الصينيين ومناقشتها معهم كما يجب أن يحدث ذلك شكل سريع فلا يوجد الكثير من الوقت لنضيعه.

ولذلك أقترح أن يقوم الاتحاد الأفريقي والنيباد ومؤسسة ديفيلوبمنت ريإيماجند في البدء في هذه النقاشات. وسنبدأ حوارًا خاصًا في الأسابيع المقبلة لتقديم لمحة عامة عن إنجازات مبادرة التنمية التي تم تحقيقها حتى الآن وتعريف الشركاء الصينيين بمشاريعها الرئيسية.

وسيستعرض النقاش أيضًا تحديات تطوير البنية التحتية الإقليمية مثل الالتزام باللوائح والقوانين الوطنية بالإضافة إمكانات المشروع المصرفية والهيكلة المالية.

وبشكل عام، نأمل أن نستغل إنجازات مبادرة الحزام والطريق ونتائج قمة الفوكاك في خلق تنمية مستدامة طويلة الأجل لدعم القارة في رحلتها لتنفيذ أجندة عام 2063 بالإضافة إلى أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة

ليا لينش: نعم، نحن حقًا متحمسون لذلك ونأمل أن يحدث فرقًا كبيرًا. و بالنسبة لسؤالي الأخير الذي ربما يكون الأصعب. ماذا ستقول لأولئك المهتمين بمعرفة إذا ما كانت البلدان الأفريقية قادرة على تحمل المزيد من الديون لتمويل هذه المشاريع الإقليمية؟

سيادة السفير: كما ذكرت سابقاً، تحتاج البنية التحتية إلى موارد مالية ضخمة. ومهما تحدثنا عن زيادة الموارد المحلية فالحقيقة أن البلدان الأفريقية لا تستطيع تمويل مثل هذه المشاريع محليًا لذلك يتعين علينا الاقتراض من الخارج وإذا كان هذا التمويل مكلفًا فقد يؤدي إلى زيادة الديون أو عدم القدرة على السداد.

وأصبحت هذه المخاطر واحدة من الاتهامات الرئيسية التي وجهتها الدوائر الغربية للعلاقات الأفريقية الصينية.

حيث يتهم الغرب الصين بإقراض الدول الأفريقية لإثقال كاهلها بالديون. وقد تكون بعض هذه الاتهامات صحيحة حيث ثبتت عدم جدوى بعض المشروعات التي تمولها الصين وآخرون، وتعثرت بالفعل بعض الدول في في سداد القروض التي حصلت عليها. وفي الوقت نفسه يجب التعامل مع استدامة الديون بموضوعية إذا أردنا أن يؤتي التعاون بين إفريقيا والصين بثماره.

وكانت قدرة الدول الأفريقية على على سداد الديون إحدى القضايا التي تم تناولها خلال منتدى الحزام والطريق الثاني في عام 2019 ، وخلال حضوري للمنتدى، تعهد كلًا من وزير المالية الصيني ومحافظ البنك المركزي الصيني بتشجيع المؤسسات المالية في الصين واقتصادات الحزام والطريق على استخدام أدوات السياسة الجديدة لتصنيف مخاطر الديون قبل اتخاذ قرارات الإقراض، بهدف تحقيق توازن بين تلبية احتياجات التمويل والقدرة على تسديد الديون.

لكن اسمحوا لي أيضًا أن أشير إلى أنني أؤمن بشدة أن البنية التحتية الإقليمية يمكن أن تحقق هذا التوازن بشكل أفضل من المشاريع الوطنية لأنها تحسن من المستوى المعيشي للمواطنين وتحد من الفقر وتزيد الإنتاجية و سيكون هذا مفيدًا لاستدامة الديون طويلة الأجل. فنحن بحاجة إلى الاستثمار بحكمة مع الاستفادة من القرارات التي يتبناها منتدى التعاون الصيني الأفريقي.

ليا لينش: سيادة السفير، شكرًا جزيلا لك على وقتك.