اتبع CAP على وسائل التواصل الاجتماعي

استمع إلى البودكاست الخاص بـ CAP

الأزمة الروسية-الأوكرانية: هل تنجح الصين في حماية مصالحها ونبذ العنف في نفس الوقت؟

بقلم: لوكاس فيالا
وصل إلينا من أوكرانيا هذا الأسبوع العديد من الصور والقصص المروعة حيث يتحول الغزو الروسي بسرعة إلى أزمة إنسانية كبيرة. بينما تتجه الأنظار إلى المقاومة الأوكرانية الشجاعة، والمعاناة الإنسانية التي ترتبت على الغزو بالإضافة الى العلاقات المتدهورة بين الناتو وروسيا

وفي ظل الأحداث الجارية بدأنا نتساءل عما يمكن أن تعنيه الحرب في أوكرانيا وتأثيراتها الجيوسياسية على علاقة الصين مع دول الجنوب العالمي.

وكما طرحنا الأسبوع الماضي، من المرجح أن يراقب القادة في جميع الدول النامية تطور موقف بكين تجاه الأزمة وذلك بسبب المعضلة التي تمثلها الأزمة للخطال التقليدي لسياسة الصين الخارجية التي تؤكد على سيلدة الدولة وسلامة أراضيها.

فخلال الأسبوع الماضي حددت الصين بالفعل موقفها الأوليّ بشأن الغزو الروسي. ففي اليوم السابق للغزو الروسي، ألقت وزارة الخارجية الصينية باللوم على الولايات المتحدة في “إثارة الذعر وحتى تضخيم إمكانية حدوث الحرب” وانحازت إلى الخطاب الروسي في اليوم التالي بالإشارة الى ما وصفته “بعملية بوتين العسكرية الخاصة”.

وخلال عطلة نهاية الأسبوع ، عندما أصبح القتال أكثر عنفًا وضعف احتمالية روسيا لتحقيق نصر روسي سريع، بدا الموقف الرسمي للصين اكثر تكيفا مع التطورات حتى وإن حدث ذلك بشكل طفيف. ففي يوم الإثني في مكالمة هاتفية بين وزير الخارجية الصيني وانغ يي ونظيره الأوكراني دميترو كوليبا، دعا وانغ “أوكرانيا وروسيا لإيجاد حل من خلال المفاوضات قائلا أن كوليبا” يتطلع إلى جهود الوساطة الصينية من أجل وقف إطلاق النار.”

وفي الوقت نفسه ، ظل خطاب الصين المعادي للغرب بارزًا، ولا تزال وسائل الإعلام الحكومية الصينية تدعم روسيا على نطاق واسع، ويرفض المسؤولون التطرق الى العدوان الروسي، بينما يشيرون بشكل غامض إلى ‘قضية أوكرانيا’.

كل هذا يعني أنه من السابق لأوانه الحكم على ما إذا كانت بكين تعتزم فعلاً الاستفادة من علاقتها الوثيقة مع موسكو للمساهمة في حل دبلوماسي للأزمة أم لا. ولكن من المؤكد أن قادة الدول في جميع أنحاء العالم وخاصة جنوب الكرة الأرضية سوف يراقبون تحركات الصين القادمة عن كثب.

وقد أعربت المجتمعات والحكومات في جميع أنحاء العالم عن تضامنها مع أوكرانيا وأدانت الغزو الروسي خلال الأسبوع الماضي. فعلى سبيل المثال، سارعت بعض الدول الأفريقية مثل كينيا وغانا ونيجيرياإلى إدانة الغزو الروسي والتعبير عن دعمها لأوكرانيا.

ويوم الأربعاء أدان قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة العدوان الروسي ودعا موسكو إلى “الانسحاب الفوري والكامل وغير المشروط لجميع قواتها العسكرية من الأراضي الأوكرانية” وتم تمريره بأغلبية كبيرة.

ومع ذلك ، حاولت العديد من الدول تحقيق التوازن بين مصالحها تجاه روسيا (وعلى الأرجح الصين) وكذلك أوروبا والولايات المتحدة وحلفائه حيث امتنعت 35 دولة عن التصويت على قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بما في ذلك الصين والعديد من الدول الأفريقية.

في حين أن الامتناع عن التصويت قد يكون له أسباب خاصة بكل دولة في كل حالة ، فإن هذه الردود على ما وصفه الكثيرون بأنه أكبر عملية عسكرية في أوروبا منذ نهاية الحرب العالمية الثانية ، سرعان ما أصبحت دراسة حالة للجغرافيا السياسية للقرن الحادي والعشرين – كما يظل الدور التي تلعبه الصين تجاه هذه الأزمة صعبا للغاية.

فمن المؤكد أن بكين تريد ان تتجنب وصفها بأنها داعمة للسياسات “الإمبريالية” أو “التوسعية” إذا أعلنت دعمها الكامل للغزو الروسي لأوكرانيا. لأن ذلك لن يؤدي ذلك إلى الإضرار بصورتها كطرف خارجي متفرد عن الغرب فحسب ، بل سيجعل أيضًا من الصعب إن لم يكن شبه المستحيل الحفاظ على صورتها كأكبر دولة نامية في العالم حيث تستغل الصين هذه الوصف لتصدر للعالم أنها صديقة لجميع الدول النامية.

ويبقى ان نتابع إلى أي مدى ستتمكن الصين من التحوط في رهاناتها في سياق الأزمة الأوكرانية المتفاقمة والحملة العسكرية الروسية العنيفة


. في حين أن ردود الفعل القوية من جميع أنحاء العالم خلال الأسبوع الماضي تظهر أن الدعم الصريح لحرب وحشية حتما سيؤئر على سمعة الدول التي تتخذ هذا الموقف في الجنوب أو في أي مكان آخر بالعالم.