بقلم: كريس ألدن
مر وقت طويل منذ أصدر الرئيسان الصيني شي جين بينغ والروسي فلاديمير بوتين إعلانهما المشترك الذي ينص على أن ما يجمعهما من “صداقة بلا حدود” ضروري لبدء “عصر جديد” من العلاقات الدولية. هذا العصر يتشكل فعلًا، لكن بطريقة لا يتوقعها أحد.
التأكيد على علاقة الصداقة تلك في مؤتمر منظمة شنغهاي للتعاون في أوزبكستان يحمل في طياته نوعًا من اختبار هذه العلاقة، على عكس ما يشيع من اتسام بيانات بوتين العامة بنغمة التهدئة. وفي هذا السياق فقد صرح شي، في 15 سبتمبر 2022، قائلًا:
“يواجه عالمنا اليوم تغيرات هائلة وغير مسبوقة، ونحن على أهبة الاستعداد للتعاون مع رفاقنا الروس لمواجهة تلك التغيرات ووضع العالم على مسار التنمية المستدامة الفعالة، لنضرب بذلك نعم المثل للقوة العالمية المسؤولة”.
يشير هذا الإعلان إلى وجود اعتقاد راسخ بشأن حتمية التحولات الجذرية في السياسات العالمية، ووفقًا لمبادئ لينين التي ما زالت تؤثر بقوة في الدوائر السياسية في كلا البلدين، فلابد أحيانًا من “مساعدة التاريخ” على تحقيق النتائج الحتمية و(المرغوبة).
لكن هذا لا يغير من حقيقة أن القادة السياسيين قد يتعرضون للخذلان من أصدقائهم وحلفائهم عند احتياجهم لتحقيق أهداف السياسة الخارجية، بل إنه أمر شائع. ويمثل اعتراف بوتين الصريح بأن “العملية العسكرية الخاصة” قد واجهت عوائق، وشكره الصين على تفهمها موقف روسيا، يمثل نوعًا من “الاعتراف بالخطأ” الذي سيتذكره الروسيون لأجيال قادمة. وقد علق يومًا مسؤول روسي رفيع المستوى على توتر علاقات روسيا مع حلفائها، إبّان كانت في أوج قوتها في الحقبة السوفيتية، قائلًا: “علينا أن نغض الطرف أحيانًا عن حماقات حلفائنا في سبيل تحقيق مصالحنا المشتركة”.
بدا واضحًا أن الرئيسي الصيني شي راغب في النأي بالغرض الأخلاقي لهذا التحول الحتمي في ميزان القوى العالمية عن قضية الغزو الروسي لأوكرانيا، والتركيز بدلًا من ذلك على قضايا جذابة مثل التنمية المستدامة، وهو أمر حيوي للحفاظ على مساعي الصين لقيادة الجنوب العالمي؛ إذ إن الصراع الروسي الأوكراني قضية خلافية بين هذه الدول، ويؤكد ذلك امتناع عدد كبير منها عن التصويت في الأمم المتحدة بشأن هذا الصراع. ولربما أدى تمسك الصين الدائم بما يسمى “صداقة بلا حدود” إلى انحسار مكانتها وضعف قدرتها على التأثير في قضايا الجنوب العالمي المهمة.
أما دول الجنوب العالمي، فكما كان الوضع دائمًا، عليها أن تخط لها مسارًا حذرًا بين القوى العظمى، توازن فيه بين ما عليها من تكاليف والتزامات وما يعود عليها من منافع ومكاسب آجلة وعاجلة، أيًا ما كان شكل العصر الجديد.
كريس ألدن، أستاذ العلاقات الدولية في كلية لندن للاقتصاد والعلوم السياسية، ومدير مركز الدراسات الفكرية المعني بالسياسيات الخارجية التابع للجامعة (إل إس إي آيدياز).