اتبع CAP على وسائل التواصل الاجتماعي

استمع إلى البودكاست الخاص بـ CAP

كل الطرق تؤدي إلى الجنوب

الصورة عبر: أوليفر هوسليت / وكالة فرانس بريس

كنا قد سلطنا الضوء سابقًا على تغريدة الصحفي بشبكة أفريكا نيوز رونالد كاتو التي قال فيها: “يمكننا في هذه المرحلة الإقرار بأن قمة الاتحاد الأوروبي وأفريقيا الأخيرة كانت مضيعة للوقت. وبأن مبادرة البوابة العالمية أصبحت ميتة.”

وافق إريك على هذا الرأي حيث ينوي مناقشته في الحلقة القادمة من بودكاست مشروع أخبار الصين وأفريقيا في نسخته الإنجليزية. و بينما تتأرجح الحرب في أوكرانيا بين العقوبات وأزمة اللاجئين، سيجد الاتحاد الأوروبي صعوبة في الوفاء بالتزاماته بمواجهة “مبادرة الحزام والطريق” الصينية في الجنوب بما يقابلها من مشاريع تطوير البنية التحتية “المدفوعة بالقيم الأوروبية.”

والقضية الرئيسية هنا هي الفرق بين الواقع والطريقة التي تتم بها مناقشة هذه الصعوبات. حيث أتوقع ان تُستخدم أوكرانيا كذريعة لإعادة توجيه موارد مبادرة تغير المناخ إلى أشياء أخرى. لكن في الواقع، لا يمكن فصل الحرب عن قضايا المناخ.

تحتل روسيا المرتبة الأولى من بين منتجي الغاز الطبيعي والثانية بين الدول المنتجة للنفط والثالثة بين الدول المنتجة للفحم. وساعد ذلك فلاديمير بوتين على تكريس قوة أكبر بكثير مما تسمح به إمكانياته العسكرية. وهناك عاملان يحددان مصير هذا النزاع وهما مدى إخفاق أوروبا في تحرير اقتصادها من الاعتماد على مصادر الطاقة العالية الكربون، وأوهام الرئيس بوتين حول احتفاظ أوكرانيا بكيانها كدولة.

ومن المفارقات المتوقعة، أن يستخدم الاتحاد الأوروبي الضغوط الجيوسياسية المرتبطة بأوكرانيا كوسيلة للهرب من تنفيذ مبادرة البوابة العالمية، بالرغم من توصيف مبادرة الطاقة الخضراء في السابق على أنها قضية جيوسياسية.
وكتب ألفونسو ميدينيلا بالاشتراك مع كلًا من كاتيا سيرجيف وإناتو دومينغو مقالًا رائعًا حول تطور الطاقة الخضراء في أفريقيا في سياق جيوسياسي.
ويشير ميدينيلا إلى أن المبادرة العالمية دائما ما وُصفت كوسيلة لمواجهة مشاريع البنية التحتية الصينية، بدلاً من اعتبارها جزءاً من عمليات التنمية الشاملة في أفريقيا والتي تشترك فيها الصين كأحد المطورين.

ووفقًا لرئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين: “ليس من المنطقي أن تبني أوروبا طريقًا مثاليًا بين منجم نحاس مملوك للصين ومرفأ مملوكًا للصين أيضًا”.

و ربما يبدو ذلك منطقيًا بالنسبة للدول الأفريقية التي تأمل في تعزيز التنمية من خلال صادرات النحاس. ولكن يوضح التقرير أنه في الوقت الذي يتم فيه توصيف المبادرة بهذه الطريقة، يختلف الأمر تماما على أرض الواقع حيث تعمل الشركات الصينية والأوروبية الموفرة للطاقة الخضراء في أفريقيا في مسارات متوازية، فهم ليسوا في صراع مباشر ولا يمكن لأي شركة منهم أن تعمل كبديل للشركات الأخرى.

والأهم من ذلك هو أن حجم الطلب الأفريقي على الطاقة المستدامة كبير جدًا بحيث يمكن لمزودي الطاقة الصينيين والأوروبيين الاستفادة منه لسنوات قادمة دون تزاحم أو صراع على الحصة السوقية.

ولكن كل ذلك مجرد خيالات. فالوضع في أوكرانيا يكشف لنا الحقيقة وهي أننا جميعًا – بما في ذلك دول الغنية التي تعتبر نفسها رسولًا لتحقيق مستقبل أفضل – مازالنا عالقين في واقع القرن العشرين الأليم. حيث أدت الحرب لزيادة سريعة في أسعار النفط والغاز حول العالم مما تسبب برفع معدل التضخم بشكل مفاجيء ليعود بالعالم للوراء وتحديدًا إلى عام 1974.

إذا كشفت الحرب أوكرانيا عن شيء، فإنها تكشف عن الفشل في تنمية قدراتنا على التخيل، حيث يبدو أننا لا نريد التخلي عن الماضي السحيق. فمازال التجار يراهنون على مستقبل الغاز الطبيعي المسال، ومازلنا نطلق النكات حول حيرة الصين بين السعودية وروسيا وحول أسعار الغاز المرتفعة. وكل ذلك يوضح أننا مازلنا عالقين في القرن الماضي.

والمأساة الحقيقية هي استخدام الحرب في أوكرانيا لإلغاء المبادرة وذلك لأن الوضع الحالي هو خير دليل على احتياجنا لمثل هذه المبادرات، فهي طريقنا الوحيد للخروج من المستنقع الذي نقبع به.