اتبع CAP على وسائل التواصل الاجتماعي

استمع إلى البودكاست الخاص بـ CAP

هل تتسم عملية الإقراض الصينية بالصرامة؟

وسط الأزمة المستمرة في أوكرانيا والتشاؤم المرتبط بتغير المناخ ربما لم تتابع ملحمة مطار عنتيبي المستمرة في أوغندا.


نبذة سريعة عن الوضع:


إقترضت أوغندا 325 مليون دولار من بنك الصين للاستيراد من أجل تطوير المطار بتكلفة وصلت إلى 200 مليون دولار للمرحلة الأولى من المشروع. وتم تنفيذ العمل من قبل الشركة الصينية للتشييد والاتصالات بفترة سماح مدتها سبع سنوات تنتهي في 2022.

في ديسمبر 2021، نشرت صحيفة ديلي مونيتور الأوغندية تقريرا حول خطر استحواذ الصين على المطار بسبب عدم قدرة أوغندا على تسديد القرض.

ولم تكن هذه القصة منطقية لأن القرض لم يكن مستحق الدفع في ذلك الوقت. ومع ذلك، انتشرت القصة بشكل سريع حول العالم، وشمل ذلك مقطعًا سيء مدته عشر دقائق نشره تريفور نوا تمكن فيه من جمع عقد كامل من المفاهيم الخاطئة وأنصاف الحقائق.

وبالطبع تم نفى الأنباء عندما حصل مجموعة من الباحثين في كلية ويليام وماري على نسخة من العقد الكامل للقرض وأظهروا أن ملكية الأصول المادية لم تكن جزءا من العقد من الأساس.

ولكن كشفت القصة الكاذبة عن نوعية القروض المرتبطة بالبنية التحتية في أفريقيا. فعلى سبيل المثال، ينص العقد على استخدام جميع إيرادات المطار – وهو أحد الأصول العامة الموجودة قبل عملية الإقتراض – لسداد القرض على مدار عشرين عاما.

وتحدثت بعض التقارير الإعلامية بعد ظهور تلك المعلومات عن شروط الإقراض ” الصارمة” التي تضعها الصين للدول الأفريقية. ولكن وفقا للخبراء فإن شروط الإقراض الصينية ليست فريدة من نوعها. فهي تأتي كجزء من تاريخ طويل من الشروط المرهقة التي يضعها الشركاء الأجانب للحكومات الأفريقية.

فعلى سبيل المثال، لفتت ديبورا بروتيجام انتباهي إلى برنامج مساعدة الحوكمة والإدارة الاقتصادية في منتصف عام 2000 بين حكومة ليبيريا والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي ووزارة الخزانة الأمريكية والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، والذي يهدف إلى الحد من الفساد المستشري في البلاد في أعقاب الحرب الأهلية.

وقام البرنامج بتعيين موظفين من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية في البنك المركزي في ليبيرا والشركات المملوكة للدولة. وكان لهؤلاء المسؤولين الأمريكيين سلطة توقيع مشتركة للموافقة على الشيكات الموقعة من قبل مسؤولي الحكومة الليبيرية.

وحتى إن كان ذلك الإجراء يهدف في الأساس إلى محاربة الفساد، فيظل إجراءً أبوياً إلى حد كبير. ولكنه على الأقل يهدف إلى الاحتفاظ بالمال في جيوب الليبيريين.


ووفقا لتقرير جريدة ذا سبيكتر أوف جلوبال تشاينا عن الأنشطة الصينية لصناعة النحاس في زامبيا – والذي أقوم بإعادة قراءته حاليا – فإن نصف عائدات الضرائب في الستينيات كانت مستمدة من الشركات الأجنبية في قطاع التعدين وذلك بسبب اعتماد زامبيا شبه الكامل على النحاس.

وفي منتصف العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، أدى الإصرار على الإصلاحات “الصديقة لقطاع الأعمال” وسياسات التعديل الهيكلي لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي إلى خفض مساهمة النحاس في الخزائن الضريبية الوطنية إلى 1.6٪.

لم يكن ذلك لأن زامبيا تمكنت من تنويع اقتصادها بل بالعكس، كانت هذه الإصلاحات السبب في دفع معظم السكان إلى خط الفقر، كما أنها قضت على الطبقة الوسطى في زامبيا تحت شعار جعل البلاد أكثر جاذبية لشركات التعدين.


وهذا ليس عذرًا للممارسات التدخلية للقروض الصينية. كما أنها ليست محاولة لتصوير الحكومات الأفريقية على أنها محاربة نبيلة ضد الافتراس الأجنبي – فإن الكشف عن أن الحكومة الأوغندية لم تكلف نفسها عناء إجراء دراسات الجدوى لتطوير مطار عنتيبي دليلا على صحة ذلك.

فالوضع الحالي يوضح أنه لا يمكن الفصل بين العلاقات الصينية الإفريقية وبين مكانة إفريقيا في العالم. فعندما وصل الصينيون إلى إفريقيا، بدأوا في تحضير الكثير من السيناريوهات التي ركزت على المخاطر المرتبطة بالاستثمارات في أفريقيا وذلك لتبرير الشروط الصارمة والمرهقة التي يقومون بفرضها.

إن التظاهر بالمفاجأة عندما يتبع الصينيون هذه الحيلة هو نوع من الخداع يشبه التظاهر بالدهشة من إخضاع الأفارقة الفارين من أوكرانيا لمجموعة كاملة من القواعد التي لا تتطبق على اللاجئين البيض.