بقلم: أوينتيريلادو موزيز
أظهرت الولايات المتحدة ميزتها النسبية في التعامل مع أفريقيا خلال منتدى القادة الشباب في أفريقيا وقمة قادة الولايات المتحدة وأفريقيا الأسبوع الماضي. أثناء جلوسي بين الحضور، لاحظت أن كامالا هاريس، أول نائب رئيس أمريكي من أصل أفريقي، افتتحت القمة في المتحف الوطني للتاريخ والثقافة الأمريكية الأفريقية – بينما كنت أتحدث إلى جمهور من الشباب الأفارقة والعديد من القادة من القارة الأفريقية وحول العالم – وأدلت ببيان رمزي حول فعالية القوة الناعمة للولايات المتحدة وتأثيرها على العلاقة بين الولايات المتحدة وأفريقيا.
كان هناك رابط تراثي واضح بين بعض البلدان الأفريقية ومعظم كبار القادة الأمريكيين الذين تحدثوا في المنتدى. لم يخجل المنتدى من الحديث عن الآثار الوحشية للعبودية التي جلبت العديد من الأفارقة السود إلى الولايات المتحدة بالقوة.. وسلط العديد من المتحدثين بمن فيهم الرئيس جوليوس مادا بيو رئيس سيراليون الضوء على هذه المأساة والمساهمات الهائلة التي قدمها الأمريكيون الأفارقة من خلال العمل غير المأجور في الثورة الصناعية الأولى. وتحدث عضو الكونغرس جريجوري ميكس، رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب، عن كيفية اكتشافه، وهو سليل العبيد، لتراثه السيراليوني. كما تحدث كل من النائبة إلهان عمر، أول شخص من أصل أفريقي يخدم في كونجرس الولايات المتحدة، ونائب وزير الخارجية الأمريكي والي أدييمو عن أصولهم الصومالية والنيجيرية على التوالي، وتجاربهم الأمريكية منذ الجيل الأول.
ويجسد هؤلاء القادة الشتات الأفريقي، الذي يعتبره الاتحاد الأفريقي المنطقة السادسة التي ستساهم في بناء وتنمية أفريقيا، ومن بينهم أحفاد الشعوب الأفريقية المستعبدة، والمهاجرين الأفارقة في جميع أنحاء العالم.
وعلى مدار السنواتالماضية تجاهل كبار المسؤولين الحكوميين الأمريكيين السابقين العلاقة بين الجالية الأمريكية الأفريقية وأفريقيا قبل وبعد الفترة الرئاسية لباراك أوباما. لذلك، فقدرة إدارة بايدن-هاريس على التعامل مع هذا الرابط التراثي المباشر على نطاق واسع هو امتداد طبيعي للتمثيل الحالي للأفراد ذوي التراث الأفريقي والخبراء الأفارقة على مستويات عالية في الحكومة الأمريكية الحالية. كما أنه انعكاس للمساهمات التي لا يمكن إغفالها التي قدمها الأمريكيون الأفارقة والمهاجرون الأفارقة للمجتمع والثقافة والطموح الأمريكي. كما انتقلت بعض هذه التأثيرات المجتمعية في نفس الوقت عبر المحيط إلى البلدان الأفريقية وأثرت بشكل خاص على الشباب الأفريقي. استمرت دورة التأثير المتبادل بين أفريقيا والولايات المتحدة على مدار تاريخ الولايات المتحدة. ما عليك سوى أن تسأل أي مستخدم من مستخدمي Cal Friendly، ومستمعي Amapiano، ومحبي Giannis Antetokounmpo، على سبيل المثال لا الحصر من أمثلة العصر الحديث.
كان منتدى القادة الشباب من أفريقيا والشتات في القمة محاولة لإنشاء رابط واضح بين ماضي الولايات المتحدة وأفريقيا، والاعتراف بالطموح الحالي لتقوية العلاقة، والاستثمار في عدد كبير من الشباب في أفريقيا. لقد كان تمثيلًا حقيقيًا للقوة الناعمة للولايات المتحدة. لكن هل كان ذلك كافياً لتنشيط العلاقة بين الولايات المتحدة وأفريقيا؟
ليس بالضرورة، لأنه لابد من دعم ارتباط التراث الأمريكي بأفريقيا باستثمارات حقيقية ومنسقة. حيث تبلغ فجوة تمويل البنية التحتية في أفريقيا 68 مليار دولار إلى 108 مليار دولار سنويًا، ولا تجتذب على وجه التحديد سوى أقل من 5٪ من الاستثمار العالمي في الطاقة. وقد ساهمت الصين في تمويل بعض هذه الفجوات، مصحوبة بكل من الفوائد والمخاطر. بينما بدت الولايات المتحدة مدركة لأهمية تقديم عروض ملموسة بالنظر إلى هذه الإحصائيات. وأعلن كبار القادة الأمريكيين عن 15 مليار دولار من الاستثمارات المتعلقة بالقطاع الخاص ضمن حزمة إجمالية قدرها 55 مليار دولار لدعم البلدان الأفريقية على مدى السنوات الثلاث المقبلة.
أظهرت صفقات التمويل تلك نهج الولايات المتحدة في هذا الإطار، حيث لعب القطاع الخاص ودعم المؤسسات المتعددة الأطراف أدوارًا بارزة بينما لعبت مؤسسات المالية العامة أدوارًا داعمة أصغر. والجدير بالذكر أن مذكرة التفاهم (MOUs) التي تبلغ قيمتها مليار دولار بين بنك التصدير والاستيراد بالولايات المتحدة وبنك التصدير والاستيراد الأفريقي ومؤسسة التمويل الإفريقي وأفريقيا 50 لم تؤكد التزامات القروض. وتعبر مذكرات التفاهم في الأنظمة المالية العامة، عن النية في متابعة اتفاقيات التمويل، ولكنها لا تعتبر ملزمة قانونًا. لذلك، يجب على الولايات المتحدة متابعة مثل هذه الشراكات في الأشهر المقبلة لمواصلة إظهار التزامها بالعلاقة.
إن الجمع بين دعم ثابت من الشراكات المالية بين الولايات المتحدة وأفريقيا وبين الميزة النسبية للولايات المتحدة المتمثلة في تضمين الافارقة من الشباب والكبار، يضع الولايات المتحدة كشريك قوي في مجال التنمية الأفريقية. ومع ذلك، فإن التمويل من بلد واحد فقط لا يمكن أن يساهم بشكل كامل في سد فجوات البنية التحتية في أفريقيا.
لهذا يعتبر استمرار التعاون وتحمل الجهود المتوازية والمتكاملة مناصفًة مع الشركاء الدوليين الآخرين، بما فيهم الصين، من أفضل الخطوات الحاسمة التي تؤهل اللاعبين الدوليين للتعامل مع المنطقة الأفريقية.
يعمل أوينتيريلادو موزيز كمحلل ومدير قاعدة بيانات.