ظللت أتساءل وأنا أشاهد خطاب جين بينغ المطول في مؤتمر الحزب الشيوعي الـ20: هل من مسؤول في وزارة الخارجية في كينيا أو شيلي أو المغرب يشاهد هذا البث المباشر أيضًا؟
على الأرجح كثير لم يفعلوا. والسبب واضح، فالاستماع لهذا الرجل ليس بالطريقة الممتعة لقضاء ساعتين من عطلة نهاية الأسبوع. ومع ذلك، كان خطابه في غاية الأهمية، ليس لما قاله، بل لما سكت عنه.
لم يأتِ شي على ذكر القضايا ذات الصلة المباشرة بالجنوب العالمي، أو قيادة الصين للعالم النامي، وهو الدور الذي حددته الصين لنفسها. وأغفل كذلك الحديث عن قضايا الديون والعدالة العالمية، ولم يُشر إلى التردد الذي طرأ على مبادرات بكين لتمويل البنية الأساسية العالمية.
يمكن القول أن شي لم يتكلم إطلاقًا عن أيٍ من القضايا التي تحظى باهتمام وزارات الخارجية التي جالت بخاطري، بل انصب تركيزه على ترسيخ مكانة الحزب على المستوى الوطني، والرد على منتقدي الصين الخارجيين، الولايات المتحدة تحديدًا، برسالة مقنعة: إن أبيتم إلا القتال فنحن على أتم الاستعداد.
وقال الرئيس شي صراحةً إن اهتمام الصين على الصعيد السياسي من الآن فصاعدًا سيكون أقل بكينيا وأكثر بتايوان والولايات المتحدة واليابان وبحر الصين الجنوبي، أما على الصعيد الاقتصادي فستركز اهتمامها على تعزيز قدراتها على تصنيع الرقائق الإلكترونية المتقدمة.
لذلك فعلى كينيا ومثيلاتها من الدول النامية أن تسارع إلى تعزيز علاقاتها مع الصين.. وإلا وجدت نفسها خارج دائرة الاهتمامات الصينية نهائيًا.
كل ما على هذه الدول فعله أن تضم بضعة آلاف من الشباب الحاصلين على شهادات عليا من الصين، الذين يتقن كثير منهم اللغة الصينية، إلى صفوف وزارات خارجيتها، بعدما أهملت حكومات هذه الدول الاستفادة من هذه الثروة البشرية بسبب ضعف روابطها الثنائية مع الصين، ولتعلم هذه الدول أن قصور علاقاتها مع الصين رفاهية قد فات أوانها.
ستحتاج الدول النامية إلى طرح مبادرات شراكة مبتكرة مع الصين، على أن تكون تلك الشراكات محددة الأهداف ومقنعة، وهو تحدٍ ليس بالسهل؛ إذ إن العديد من الدول غير الآسيوية لا تزال تفتقر إلى كثير من القدرات التي تؤهلها إلى عقد مثل هذه الشراكات مع الصين.
الحقيقة الجديدة التي أعلنها الرئيس شي صريحة واضحة يوم الأحد أن أولوياته الآن تقبع في مكان آخر.